ابراهيم المبيضين
عمان, كانون الثاني 27: الغد وسط الانتشار المتزايد لخدمات الإنترنت في المنطقة العربية والعالم، يتوق المستخدم العربي لقراءة كتاب عربي أصيل أو بحث عربي محكم على الإنترنت، وسط سيطرة للإنجليزية التي تستحوذ اليوم على حصة الأسد من محتوى الشبكة العنكبوتية من فكر وكتب ومجلات وأبحاث، وحتى ما يجري تداوله عبر المنتديات ورسائل البريد وشبكات التواصل الاجتماعي.
ومع تزايد الطلب على المحتوى والنشر الإلكتروني لا سيما ذلك المحتوى الفكري المكنوز في قلوب الكتب الورقية، ما يزال هذا النوع من المحتوى على المستوى العربي ضئيلاً بسبب عدم وجود منصات عربية تدعم نشره بلغتنا العربية، فيما يلجأ ناشرون تنبهوا لأهمية هذا النشر الإلكتروني إلى شركات ومنصات غربية، ما يعني أيضاً خسارة موازنات هذا النوع من النشر لصالح الغرب.
ووسط هذا المشهد المتردي لحالة الفكر والأبحاث العربية على الإنترنت، وعدم مقدرتنا على إبراز فكرنا وأبحاثنا بلغتنا الأم في مجابهة السيطرة الغربية على العالم الافتراضي، فإنه يمكن لمستخدمي الإنترنت العرب اليوم ممن يبحثون عن فكر وأبحاث وكتب عربية، أن يجدوا ضالتهم في فكرة مشروع أطلَق مؤسسه عليه اسم "المنهل"، وهو مشروع أخذ على عاتقه حمل كنوز الكتب العربية إلى شبكة "النت" لينشرها بكامل محتواها ويتيحها أمام الجامعات والمؤسسات الأكاديمية والباحثين للاستفادة منها، ويسوقها شرقاً وغرباً من دون اعتراف بحدود جغرافية.
انطلقت فكرة مشروع "المنهل"- الذي يحمل على شبكة الإنترنت عنوان www.almanhal.com – قبل أكثر من ستة شهور من الأردن، تحت إدارة رئيسه التنفيذي - سوري الجنسية - محمد البغدادي، الذي وظّف في مشروعه الخاص خبرته في مجال النشر الإلكتروني والتي تمتد لـ 20 سنة.
ويقول البغدادي إن "المنهل" صمّمت لتكون المنصة العربية الإلكترونية الأولى في المحتوى الرقمي العربي، لتتيح أمام المكتبات في جميع أنحاء العالم، وعبر قاعدة بياناتها المتنامية يوماً بعد يوم فرصة الحصول على منشورات مؤسسات البحث العلمي ودور النشر العربية الرائدة وبكلفة اقتصادية مناسبة.
البغدادي تحدث عن مشروعه الموجّه لشريحة قطاع المؤسسات التعليمية والجامعات والناشرين والباحثين العرب، بشغف المترقب لجعل" العربية" لغة رائدة على شبكة الإنترنت، وإتاحة الفرصة أمام الناشرين العرب لنشر وتسويق الكتب والأبحاث العربية بلغتها الأم، ليحقق هذا المشروع مكاسب لجميع أطراف المعادلة من الناشرين، والمؤسسات التعليمية، والباحثين وحتى الاقتصاد والبحث العلمي، في وقت تذهب فيه موازنات النشر الإلكتروني إلى منصات غربية، فضلاً عن غياب البحث العربي وفكره أمام الغرب.
وبشكل مبسّط، يقول البغدادي إن فكرة المشروع تقوم على مراحل تبدأ بالتعاقد مع الناشرين، ومن ثم يتم البدء بإنتاج أو تحويل الكتب لهؤلاء الناشرين من حالتها الورقية إلى الإلكترونية، وتنقيحها لتصبح نسخة مطابقة للنسخة الورقية، ثم تحويل النتاج الإلكتروني بشكل تقني يصلح للعرض باستخدام منصة ebrary (http://site.ebrary.com/lib/almanhal/home.action)، المنصة الرقمية الرائدة والأولى عالمياً في نشر الكتب وتوزيعها والمملوكة من قبل شركة "ebrary".
وشركة "ebrary" - التي شارك البغدادي في تأسيسها وإدارة المبيعات الدولية لها – هي شركة رائدة في تكنولوجيا الكتب الإلكترونية، وتمتلك نظاماً صمم لإفادة مجال نشر الكتب الإلكترونية وتوزيعها بشكل موثوق من قبل أكثر من 500 من الناشرين الرئيسيين في العالم وأكثر من 4000 جامعة في 140 دولة، وذلك بحسب ما يقول البغدادي الذي أشار إلى أن هذه الشراكة منحت "المنهل" إمكانية تعريب محتوى منصة شركة ebrary ودمجه بقاعدة بياناتها.
وبعد توفير الكتب إلكترونياً عبر هذه المنصة يصبح الكتاب بفئاته المختلفة متاحا أمام المؤسسات التعليمية والجامعية التي بدورها تتيحها أمام طلابها وأساتذتها والباحثين عن المعرفة بطرق بحث واستعراض عالية التقنية، على ما أوضح البغدادي.
وأوضح البغدادي – الذي درس هندسة أنظمة وتحكم عززها بدرجة الماجستير في إدارة الأعمال الدولية وتطوير الأسواق.
إن تأسيس "المنهل" كان نتاجاً لشراكات مع شركات عالمية متخصصة في هذا المضمار مثل إدارة TechKnowledge، أبرز شركات الخدمات الاستشارية في المكتبات الإلكترونية في الشرق الأوسط، وWolters Kluwer المعروفة بـ Ovid، دار نشر ومزود المعلومات الإلكترونية الأكاديمية والمهني، وشركة ebrary (منصة الكتب الإلكترونية الرائدة في العالم)، ما تمخض عنه إنشاء "المنهل" لتكون منصة المعلومات الذكية الأولى في العالم لتوفير المحتوى الإلكتروني في العالم العربي.
وأشار الى ان للمنهل شراكات على مستوى النشر مع معاهد البحوث ودور النشر الرائدة في العالم العربي من أجل تزويد المكتبات في جميع أنحاء العالم بالكتب والمجلات والرسائل العلمية (الأطروحات) الإلكترونية التي تمتاز بمستويات عالية من الجودة والموثوقية والحجية، بالإضافة إلى المنشورات الإلكترونية الأخرى في العالم العربي.
وبالنسبة لشراكات الشركة مع مستوى التوزيع قال البغدادي إن المنهل أبرمت شراكات توزيع مع أقوى شركات المعلومات الإلكترونية على مستوى العالم لضمان تمثيل منتجاتها الموثوقة بشكل مناسب، وخدمة عملاء مكتبتنا الكرام بما يليق بهم، لافتاً الى انها تستخدم قنوات المبيعات العالمية الخاصة بشركائها، ebrary لتوزيع قواعد البيانات التي تشمل المجلات والكتب الإلكترونية في جميع أنحاء العالم، بينما تعتمد على TechKnowledge لتوزيع جميع المنتجات في منطقة الشرق الأوسط.
ويلخص البغدادي رسالة المنهل بانها تركز على "توفير قاعدة معلومات شاملة لكل من الأكاديميين والباحثين والعلماء، وذلك من خلال منصة تجمع بين المرونة وسهولة الاستعمال للمعلومات التي تحتويها على هيئة ملفات PDF، وبما يضاهي أفضل منصات البحوث والمعلومات العالمية"، مؤكداً أهمية هذه المنصة في ضمان حماية حقوق الطبع والنشر للناشرين. وقال البغدادي إننا نهدف بشكل رئيسي إلى تسهيل تبادل المعرفة والأفكار القيّمة، فضلاً عن توفير سبل جديدة لتدفق الدخل المادي كونه عاملاً محورياً في تمويل الأبحاث والنشر وتقدمه في العالم العربي.
وأضاف أن المنطقة تنتج كماً هائلاً من المحتوى عالي الجودة ومن شأنه أن يشكّل قيمة إضافية للمكتبات العالمية مشيرا الى ان قاعدة المعلومات الخاصة تشمل كتبا إلكترونية ومكتبة تغطي الآن في مرحلتها الأولى مواضيع رئيسية في حقول الأعمال والاقتصاد، والعلوم، والدراسات الإسلامية، والعلوم الاجتماعية، حيث ستعمل الشركة على تحديث قاعدة معلوماتها وأبحاثها لضمان تغذيتها بأحدث المنشورات العلمية في المنطقة، فضلاً عن توسعة نطاق المجالات التي تغطيها تلك الأبحاث.
أما المواضيع التي ستغطيها المراحل التالية فتتضمن القانون، والعلوم السياسية، والعلاقات الدولية، واللغات، والأدب، والتاريخ، والجغرافيا، والسير الذاتية، وغيرها من المواضيع الأخرى، على ما أضاف البغدادي.